ما هى خيارات مصر الأخرى بعد فشل المفاوضات فى الكونغو.. وماذا سيحدث فى الأيام الحاسمةماذا دار فى الجولة الجدي

مصر,القاهرة,وزير الخارجية,رجال,السودان,إثيوبيا,الأولى,حماية,الكونغو,القوات المسلحة,سد النهضة,قضية,العالم,النيل,الفريق محمد فريد,السيسى,الرئيس السيسى,واشنطن,التخطيط,الديمقراطية

الثلاثاء 14 مايو 2024 - 08:03
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب: " مصر ستنتصر"  أســرار اللحظــات الأخيــرة فى أزمـة سد النهضة

محمود الشويخ - صورة أرشفية  الشورى
محمود الشويخ - صورة أرشفية

ما هى خيارات مصر الأخرى بعد فشل المفاوضات فى الكونغو؟.. وماذا سيحدث فى الأيام الحاسمة؟

ماذا دار فى الجولة الجديدة من المباحثات؟.. وما سر الرسالة الحاسمة من السيسى لرئيس الاتحاد الإفريقى؟ 

وصايا الرئيس لمؤسسات الدولة لحماية مياه النيل.. وسر تدريبات الصاعقة المصرية - السودانية .

أكتب هذه السطور ووزير الخارجية، سامح شكرى، ووزير الموارد المائية والرى، محمد عبدالعاطى، يلملمان أوراقهما من قلب العاصة الكنغولوية، كينشاسا، عقب جولة مفاوضات حاسمة بشأن سد النهضة، عقدت بدعوة من الرئيس فيليكس تشيسيكيدى، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية الرئيس الحالى للاتحاد الإفريقى، للتباحث حول إعادة إطلاق مفاوضات سد النهضة الإثيوبى المتوقفة منذ عدة أشهر، وذلك بهدف التوصل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً حول ملء وتشغيل سد النهضة بما يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث المتشاركة فى النيل الأزرق ويحفظ حقوق مصر ويؤمنها من مخاطر وأضرار هذا السد الضخم.

أكتب والقلق يحيط بى.. وهذا ليس "قلق الخوف".. فثقتى فى قدرة القيادة ومؤسسات الدولة المصرية على حماية حق الشعب فى مياه النيل لا حدود لها.. بل هو قلق من "غباء" الطرف الآخر.. الذى لا يقدر جيدا قوة هذا الوطن وبسالة جيشه ومقدرة قيادته.. وأنت حين تواجه خصما غبيا متعنتا معروفا بهروبه من التزاماته تكون أكثر قلقا بعكس ما إذا كنت تواجه خصما عاقلا أو بمعنى أصح شريفا.

هذا الغباء وذلك التعنت نقرأه معا فى بيان وزارة الخارجية عقب جولة المفاوضات، حيث صرح السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، بأن جولة المفاوضات لم تحقق تقدما ولم تفض إلى اتفاق حول إعادة إطلاق المفاوضات، حيث رفضت إثيوبيا المقترح الذى قدمه السودان وأيدته مصر بتشكيل رباعية دولية تقودها جمهورية الكونغو الديمقراطية التى ترأس الاتحاد الإفريقى للتوسط بين الدول الثلاث، ورفضت إثيوبيا كذلك خلال الاجتماع كافة المقترحات والبدائل الأخرى التى طرحتها مصر وأيدها السودان من أجل تطوير العملية التفاوضية لتمكين الدول والأطراف المشاركة فى المفاوضات كمراقبين من الانخراط بنشاط فى المباحثات والمشاركة فى تسيير المفاوضات وطرح حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية.

كما رفضت إثيوبيا مقترحاً مصرياً تم تقديمه خلال الجلسة الختامية للاجتماع الوزارى ودعمه السودان بهدف استئناف المفاوضات بقيادة الرئيس الكونغولى وبمشاركة المراقبين وفق الآلية التفاوضية القائمة، وهو ما يثبت بما لا يدع مجالاً للشك قدر المرونة والمسئولية التى تحلت بها كل من مصر والسودان، ويؤكد على رغبتهما الجادة فى التوصل إلى اتفاق حول سد النهضة، إلا أن إثيوبيا رفضت هذا الطرح مما أدى إلى فشل الاجتماع فى التوصل لتوافق حول إعادة إطلاق المفاوضات.

لقد كان الرئيس عبدالفتاح السيسى واضحا بما يكفى حين تحدث عن ملف سد النهضة، خلال مؤتمر صحفى عالمى عقد على هامش انتهاء أزمة جنوح السفينة البنمية بالمجرى الملاحى لقناة السويس، حيث أكد أن التفاوض هو خيار مصر الإستراتيجى.. لكن هذا التفاوض ليس تفاوضا من أجل التفاوض أو تفاوضا إلى ما لا نهاية.. بل هو حديث من أجل الوصول إلى اتفاق عادل وشامل وملزم قانونا بشأن سد النهضة يعترف بحقوق إثيوبيا التنموية، لكنه فى الوقت ذاته يحافظ على حصة مصر فى مياه النيل.. وهى حصة لا تكفى بالأساس لكن هذا ليس موضع حديثنا الآن.

لكن.. ماذا لو لم تصل المفاوضات إلى الهدف المرجو؟

كان الرئيس واضحا أيضا بما يكفى حيث أكد أن مياه مصر خط أحمر.. وأنه لن يتم السماح بأن تنقص نقطة واحدة.. محذرا من أن المساس بها يمكن أن يؤدى إلى سيناريوهات تهدد استقرار المنطقة بالكامل.

وهذا ليس تهديدا، بقدر ما هو استعراض للحقائق وتحذير مما يمكن أن يحدث.. فما هو المطلوب من شعب مهدد فى شريان حياته؟!

وهذا المعنى أكد عليه وزير الخارجية، حيث أشار إلى أن مصر تفاوضت على مدار عشر سنوات بإرادة سياسية صادقة من أجل التوصل لاتفاق يحقق لإثيوبيا أهدافها التنموية ويحفظ فى الوقت ذاته حقوق ومصالح دولتى المصب، مشددا على ضرورة إطلاق جولة جديدة من المفاوضات تتسم بالفاعلية والجدية ويحضرها شركاؤنا الدوليون لضمان نجاحها، حيث تعتبر هذه المفاوضات بمثابة فرصة أخيرة يجب أن تقتنصها الدول الثلاث من أجل التوصل لاتفاق على ملء وتشغيل سد النهضة خلال الأشهر المقبلة وقبل موسم الفيضان المقبل.

ثم إن وزير الخارجية أعرب عن حرص مصر على إنجاح هذه المفاوضات والعمل على تجاوز كل النقاط الخلافية التى عرقلت جولات المفاوضات السابقة، مؤكداً أنه إذا توافرت الإرادة السياسية والنوايا الحسنة لدى كل الأطراف، فإنه سيكون بوسعنا أن نصل للاتفاق المنشود الذى سيفتح آفاقا رحبة للتعاون والتكامل بين دول المنطقة وشعوبها.

هذه هى مصر التى تجنح للسلم دائما ولا تريد إلا استقرار المنطقة وترفض بأكثر من أى دولة أخرى حدوث اضطرابات فى منطقة بالكاد تتعافى من توابع ما سمى بالربيع العربى وقد كان فى حقيقته خريفا أتى على الدول المستقرة وأحرق الأخضر واليابس.. ثم يقولون إن هذا ثمن الحرية والديمقراطية.

وقد دأبت مصر على تقديم الحلول والمقترحات التى تراعى الشواغل الإثيوبية وبما يضمن تحقيق أهدافها التنموية ويحفظ مصالح دولتى المصب، إلا أن نجاح الجهود الجارية لتسوية قضية سد النهضة وتجنب تأزيم الموقف فى إقليم يعانى بالفعل من الاضطراب وعدم الاستقرار يتطلب توافر الإرادة السياسية لدى كل الأطراف للتوصل لاتفاق عادل ومنصف.. وهذا يبدو أنه غائب عن الطرف الإثيوبى.. حتى كتابة هذه السطور.

ولقد كانت رسالة الرئيس السيسى الأخيرة بشأن سد النهضة، التى وجهها إلى الرئيس فيليكس تشيسيكيدى رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية رئيس الاتحاد الإفريقى، محددة لثوابت الموقف المصرى، حيث أكد حرص القاهرة على إنجاح مفاوضات سد النهضة التى يرعاها الرئيس الكونغولى، مثمنا الجهد المقدر الذى تبذله جمهورية الكونغو الديمقراطية من أجل إطلاق عملية تفاوضية تفضى إلى اتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً يراعى مصالح الدول الثلاث ويعزز من علاقات التكامل والتعاون بينها ويعمق من أواصر الأخوة بين شعوبها.

وقد أكدت رسالة الرئيس أن مصر لديها نية سياسية صادقة للتوصل للاتفاق المنشود فى أقرب فرصة ممكنة وقبل موسم الفيضان المقبل وأنها ستدعم جهود الرئيس تشيسيكيدى فى هذا الصدد، حيث تتطلع مصر لإطلاق مسار فعّال للمفاوضات بمشاركة الشركاء الدوليين وبما يمكن الدول الثلاث من إيجاد حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية بهدف بلورة اتفاق شامل لملء وتشغيل سد النهضة.

وكان لافتا بالنسبة لى أن تتوازى الجهود التفاوضية وصيانة الحلول السلمية مع تنفيذ فعاليات التدريب الجوى المشترك (نسور النيل - 2) بقاعدة مروى الجوية بجمهورية السودان الشقيق بمشاركة عناصر من القوات الجوية المصرية والسودانية وعناصر من قوات الصاعقة لكلا البلدين، حيث نفذت القوات المشاركة بالتدريب عددا من الأنشطة التدريبية المكثفة بدأت مراحلها الأولى بإجراءات التلقين وأسلوب تنظيم التعاون لتوحيد المفاهيم وصقل المهارات لإدارة العمليات الجوية المشتركة بكفاءة عالية، فضلاً عن تنفيذ العديد من الطلعات المشتركة لمهاجمة الأهداف المعادية وحماية الأهداف الحيوية بمشاركة مجموعة من المقاتلات متعددة المهام، فيما واصلت عناصر قوات الصاعقة لكلا الجانبين التدريب على أعمال الاقتحام وعمليات الإخفاء والتمويه لتنفيذ العمليات الخاصة وتنفيذ عدة رمايات من أوضاع الرمى المختلفة.

واستهدف التدريب تحقيق أقصى استفادة ممكنة للعناصر المشاركة فى التخطيط والتنفيذ لإدارة العمليات الجوية وقياس مدى جاهزية واستعداد القوات لتنفيذ عمليات مشتركة على الأهداف المختلفة.

ليس هذا فقط.. بل إن التدريب شهد حضورا رفيع المستوى، حيث شهد الفريق محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة، يرافقه الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة السودانية، تنفيذ فعاليات ختام تدريب "نسور النيل - 2"، حيث بدأت فعاليات المرحلة الختامية بتقديم عرض تفصيلى تضمن استعراض الأنشطة والفاعليات التى تم تنفيذها فى مراحل التدريب المختلفة للوقوف على مدى جاهزية واستعداد القوات المشاركة فى التدريب لتنفيذ أى مهام توكل إليهم.

كما تضمنت المرحلة تجهيز وإقلاع عدد من الطائرات متعددة المهام والمروحيات لتنفيذ مهام الاعتراض والحماية الجوية للقوات، وتنفيذ عمليات الهجوم على أهداف العمق والدفاع عن الأهداف الحيوية، إلى جانب تنفيذ بعض المهام للقوات الخاصة لتصفية بؤرة إرهابية.

وقد أظهر ختام فعاليات التدريب المستوى الراقى الذى وصلت إليه العناصر المشاركة فى التدريب، ثم قام رئيسا أركان البلدين بتكريم عدد من العناصر المتميزة أثناء التدريب، حيث ألقى الفريق محمد فريد كلمة نقل خلالها تحيات وتقدير الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، والفريق أول محمد زكى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى إلى القيادتين السياسية والعسكرية فى السودان الشقيق، كما أثنى على ما شاهده من مستوى راقٍ واستعداد قتالى عالٍ للقوات المشاركة فى التدريب، مشيراً إلى أن التدريب هو جوهر الكفاءة القتالية وعامل الحسم لنجاح القوات فى تنفيذ مهامها بكفاءة واقتدار.

ثم إن ختام الفعاليات شهد حضور كلٍ من قائد القوات الجوية وقائد قوات الدفاع الجوى وقائد قوات حرس الحدود ورئيس هيئة التدريب للقوات المسلحة وقائد قوات الصاعقة وعدد من قادة القوات المسلحة، ومن الجانب السودانى قائد القوات الجوية السودانية وعدد من قادة القوات المسلحة وعدد من كبار رجال الدولة السودانيين والملحقين العسكريين المعتمدين بجمهورية السودان.

وفى مشهد لا تخطئ العين رسالته.. عقد الفريق محمد فريد والفريق أول ركن محمد عثمان الحسين لقاء ثنائياً تناول عددا من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك والتحديات والتهديدات العسكرية والأمنية والتزامات وبرامج التعاون العسكرى خلال الفترة القادمة، واتفق الجانبان على أهمية توظيف الخبرات المكتسبة من الأنشطة التدريبية لصالح تطوير المهام العملياتية.

إذن نحن نتحرك على الاتجاهين معا.. نمضى فى المفاوضات حتى آخر الطريق.. ونكمل الاستعداد لكافة السيناريوهات..

وقد كان هذا هو التوجيه الرئيسى للرئيس عبدالفتاح السيسى فى كل اجتماع يخص السد.. أن تكون كافة أجهزة الدولة جاهزة لحماية حقوق مصر فى مياه النيل بكافة الوسائل.

وقد يسأل البعض، ولهم الحق فى ذلك، إلى متى تستمر مفاوضات سد النهضة التى يبدو أنها لا تفضى إلى النتيجة المرجوة بالوصول إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن ملء وتشغيل سد النهضة وذلك قبل موسم الفيضان القادم؟ 

ولهؤلاء أضع بعض النقاط على الحروف؛ نحن الآن أمام موقف مصرى- سودانى موحد، لأول مرة منذ بدء الأزمة تقريبا، يدعو إلى إطلاق جولة مفاوضات عبر رباعية دولية من واشنطن والأمين العام للأمم المتحدة والاتحادين الإفريقى والأوروبى ووقف أى أعمال خاصة ببدء الملء الثانى لحين حسم ملف التفاوض ووضع آليات محددة للتفاوض من ضمنها وقف الاستفزازات الإثيوبية، إضافة إلى توقيع اتفاق ملزم من الجانب الإثيوبى وتعهد كتابى بعدم اتخاذ أى خطوات تضر دول المصب.

هذه هى الثوابت المصرية- السودانية التى باتت تحظى بدعم دولى واسع.. وهذا الدعم هام جدا لكى يعرف العالم أجمع من يريد السلام والاستقرار ومن يريد أن يدخل المنطقة فى أتون صراع لا يعرف مداه ولا تأثيراته إلا لله.. وهذا الدعم هام بالطبع للسيناريو الآخر.. واللبيب بالإشارة يفهم.

ما هو المطلوب الآن؟ المطلوب أن يضع الشعب المصرى كل ثقته فى قيادته الواعية الحكيمة القادرة على حفظ حقوقنا فى مياه النيل.. وأن يبقى متوحدا خلف مؤسساته الوطنية مؤمنا بأنها قادرة على الوصول لأبعد مما يتخيله أحد.. ليس بهدف الاعتداء.. بل فقط تأمين الحياة لشعب يمثل النيل بالنسبة له شريان العيش.وسلاماً يا بلادى